mardi 24 septembre 2013

سنة بعد انتهاء التفويض الشعبي: الشرعية: كلمة حق أريد بها باطل

تمر يوم 23 أكتوبر 2013 المقبل سنتان بالتمام والكمال (730 يوما) عن انتخاب المجلس الوطني التأسيسي. وقد كان من الفروض، قانونا وأخلاقا، أن تنتهي ولاية المجلس منذ السنة الماضية، وبالتدقيق يوم 23 أكتوبر 2012. لكن المجلس التأسيسي منذ تنصيبه، ومنذ انطلاقه في مناقشة مشروع القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية ، أعلن عصيانه ونقضه للعهود والتوافقات وقراره عدم التقيد بأي أجل لإنهاء أعماله وكذلك عدم الاكتفاء بممارسة السلطة التأسيسية بل أيضا السلطة التشريعية ومراقبة الحكومة وصاغ قانونا نعت جزافا بالدستور الصغير استفردت فيه الحكومة بجميع السلطات. لقد اعتبر المجلس الوطني التأسيسي نفسه، وفي خرق صارخ للنصوص القانونية التي أوجدته وللالتزام السياسي الذي أمضت عليه جل الأحزاب السياسية الممثلة فيه، سلطة أصلية لا سلطة فوقها، سيدة نفسها تستمد من الشعب تفويضا أبديا لا حدود زمنية ولا موضوعية له. ولم يكتف المجلس بتجاهل الأجل القانوني بسنة الذي حدد له ، بل تجاوز ذلك بأن أسند لنفسه صلاحيات لم يفوضها له الصاحب الحقيقي للسلطة الأصلية (الشعب)، و نخص بالذكر منها ممارسة السلطة التشريعية، رغم أن كل النصوص القانونية والسياسية المؤطرة لإحداث المجلس الوطني التأسيسي ولانتخابه. ونذكر في هذا السياق بالمرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب مجلس وطني تأسيسي، الذي نص صراحة على أن الاختصاص الوحيد للمجلس ينحصر في وضع دستور للبلاد لا غير. فقد جاء في ديباجة هذا المرسوم الذي أعدته وصادقت عليه الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي، ولم تدخل السلطة التنفيذية عليه أي تعديل: "وانطلاقا من إرادة الشعب التونسي في انتخاب مجلس وطني تأسيسي يتولى وضع دستور جديد للبلاد". وكما لا يخفى فإن النصوص المسندة للاختصاص لا تؤول إلا تأويلا ضيقا وإلا عدَ عكس ذلك انحرافا بالسلطة وهو فعلا ما وقع فيه مجلسنا التأسيسي. كما يجب التذكير بالإعلان حول المسار الانتقالي والموقع عليه من قبل أحد عشر ممثل لأحزاب سياسية عضوة بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي من بينهم راشد الغنوشي ومصطفى بن جعفر. ففي هذا الإعلان تعهد الممضون أسفل الوثيقة على أن "لا تتجاوز فترة المجلس الوطني التأسيسي سنة واحدة" حتى "تنصرف مختلف مؤسسات الدولة لمعالجة القضايا الأساسية العاجلة للبلاد" على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وقد اعتبر راشد الغنوشي عتد سؤاله عن سبب عدم احترام تعهداته أن الخبراء الذين اقترحوا نص الإعلان غرروا به ولم يلفتوا نظره إلى ضرورة أجل اطول من السنة الواحدة !! عندما حل أجل السنة، يوم 23 أكتوبر 2012، وارتفعت الأصوات منبهة إلى انتهاء الشرعية الانتخابية والديمقراطية للمجلس وللمؤسستين المنبثقين عنه (رئاسة الجمهورية والحكومة) ونادت بضرورة إنهاء أعمال المجلس في أسرع وأقصر الآجال وتعويض الشرعية الانتخابية بشرعية توافقية لإنهاء الفترة الانتقالية بعيدا عن التجاذبات السياسية والتوصل إلى دستور توافقي يضمن الحريات والتعددية ومدنية الدولة ونظام سياسي متوازن قوامه علوية القانون واحترام حقوق الإنسان و قيم الجمهورية والتداول السلمي على السلطة. لكن لا حياة لمن تنادي، بل حصل العكس وانطلقت حملة تندد بـ"الانقلابيين والصائدين في الماء العكر" وبـ"الاستقواء بالخارج" وما إلى ذلك من العبارات الخشبية المتداولة والمألوفة في الأنظمة الكليانية، وما أشبه اليوم بالأمس. إذا منذ 23 أكتوبر 2012، دخلت تونس في حكم دولة اللاشرعية واللاقانون وانقلبت السلطة الشرعية إلى سلطة الأمر الواقع لا غير(autorité de fait). وقد تأكد ذلك تدريجيا منذ الاغتيال الغاشم للشهيد شكري بلعيد في 6 فيفري 2013 عندما أقر رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي بضرورة تشكيل حكومة كفاءات وإنهاء عمل المجلس التأسيسي في أسرع الآجال وتبين أنذاك أن حقيقة السلطة ليست بيد رئيس الحكومة وإنما بيد زعيم النهضة الذي أحبط مشروع الجبالي وقرر إعفاءه من مهامه. هكذا تواصلت الأمور كما هي وصارت كلمة الشرعية كلمة سحرية، حق أريد به باطل، لدحض كل مطالب المعارضة. وتمادي المجلس التأسيسي في روتينيته ضاربا عرض الحائط بكل الانتقادات الموجهة إليه . لم يتكرم علينا المجلس التأسيسي بـ"مسوَدته" الأولى إلا في 13 أوت 2012 وكأنه فعل ذلك لإسكات الأصوات التي تعالت محتجة عن تقصيره في أداء مهمته التي انتخب من أجلها وتمطيطه لمسار إعداد الدستور. فجاءت هذه المسوَدة حقيقة سوداء، (جعلت مثلا المرأة مكملة للرجل)، ووجهت لها انتقادات لاذعة شكلية وموضوعية من كل حدب وصوب. وصدرت المسوَدة الثانية في 14 ديسمبر 2012 لكنها لم تكن بأحسن من سابقتها وظل السواد مهيمنا على المشهد. تلت ذلك مناورة انطلاق النقاش العام للدستور في 23 أكتوبر 2012 وكان ذلك ذرا للرماد على العيون وطريقة لربح الوقت وإيهاما للرأي العام بقرب الوصول إلى شاطىء النجاة. ومنذ ذلك الحين توالت الإعلانات عن تواريخ الانتهاء من كتابة الدستور وتنظيم الانتخابات. وكلما أعلن طرف عن رزنامته سارع الطرف الآخر بتقديم رزنامة مضادة، وفاز المقرر العام للدستور على الجميع وتمكن من فرض إرادته ومغالطة الجميع. أمام انسداد الأفق دعى الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة وعمادة المحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان لجولة جديدة من الحوار الوطني في 16 ماي 2013. وكان حزبان من الائتلاف الحاكم قد قاطعا الجولة الأولى من هذا الحوار. وتم الإعلان في البيان النهائي لجلسة 16 ماي 2013 على عدد من التوافقات السياسية لكن أغلبية المجلس الوطني التأسيسي بقيادة النهضة تنكرت مجددا للتوافقات السياسية المنجزة وأصرت بقيادة المقرر العام على التشبث بمشروعها. في هذه الظررف نظم ذلك "الحفل" السوريالي الذي تولى فيه الحبيب خذرصحبة مصطفى بن جعفر محاطين بنواب النهضة وتوابعها، وأمام ذهول بعض نواب المعارضة، "ختم" (!) مشروع الدستور في غرة جوان 2013 فاكتشف الجميع، بما فيهم بعض النواب من لأغلبية، مثل النائب عمر الشتوي، انحراف المقرر العام عما توصلت إليه اللجان من صياغة ومن توافقات زيادة على انفراده بصياغة باب كامل للأحكام الانتقالية يؤجل دخول الدستور بثلاثة سنوات بعد ختمه ونشره. هكذا توصل المجلس التأسيسي إلى تكوين شبه إجماع حول ضرورة رحيله إذ تبين للجميع أنه يمثل المشكل الحقيقي وأن لا نية له، لغرض في نفس يعقوب، في الانصراف قبل استكمال مدة السنتين على الأقل. فزيادة على فقدانه الشرعية الانتخابية فقد أيضا شرعية الأداء لما صدر عنه من "مسوَدات" هزيلة ومتضاربة الأحكام ولما امتاز به من تقاعس في أداء مهمته ومن تمديد وإضاعة وقت. رغم اتباع سياسية ربح الوقت، جرت الأمور بما لا تشتهي الترويكا الحاكمة، فاغتيل غدرا الشهيد محمد البراهمي يوم هب الشعب التونسي تلقائيا للاحتفال بعيد الجمهورية الذي تجاهله، كما تجاهل غيره من الأعياد الوطنية المجيدة رئيس الجمهورية المؤقت وحلفاؤه، فقرر أكثر من ستين نائبا بالمجلس التأسيسي تعليق عضويتهم به باعتبار أنه فقد كل شرعية وطالبوا برحيله وبرحيل المؤسسات المنبثقة عنه وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة. وهكذا انتظم اعتصام الرحيل واندفعت مئات الآلاف من التونسيين في 6 و 13 و24 و31 أوت و7 سبتمبر 2013 مطالبة برحيل المجلس والحكومة لانتفاء شرعيتهما. بالتوازي مع فقدانها لكل أشكال الشرعية آثرت الحكومة في تصرفاتها الممارسات المخالفة للقوانين ولما تقتضيه دولة القانون من ضوابط إجرائية وموضوعية. فعمدت لإقصاء الكفاءات والخبرات لتعويضهم بالأهل والأنصار والحلفاء وبإغراق الإدارة المركزية والجهوية والمنشئات والمؤسسات العمومية والبلديات (النيابات الخصوصية) بتسميات سياسية مبنية على الولاءات الحزبية غير مستندة للكفاءة العلمية والمهنية ودون اتباع الإجراءات القانونية المتعارف عليها ضاربة عرض الحائط بمبدأ حياد المرفق العام الراسخ قانونا وفقها وقضاء كل ذلك للتحكم في مفاصل الدولة(باعتراف رئيس الجمهورية نفسه). كما سنت السلطة الحاكمة إجراءات مخالفة لأبسط القواعد المرعية في مجال الانتدابات وفتحت الأبواب على مصراعيها لانتداب "المناضلين" الأوفياء ممن تمتعوا بالعفو دون مناظرات نزيهة وشفافة ودون التوقف عند الشروط العامة للانتداب بالوظيفة العمومية وخاصة منها شرط السن. وقد بين وزير التربية (المستقيل نظريا) بمناسبة العودة المدرسية كيف تم انتداب أساتذة ومعلمين وإطارات تربوية مباشرة من قبل رئاسة الحكومة دون علمه منهم من تجاوز سنه الخمسين سنة وأكل الدهر وشرب كفاءته المهنية. وفي نفس السياق، صار الالتجاء للقضاء سمة مميزة لحسم المشاكل بين الحكومة وبعض الأشخاص أو المجموعات دون أي سند قانوني ووقع الزج بالعديد منهم بالسجن تحفظيا من أجل شبهات واهية أو من أجل آراء. بل الأدهى والأمر في كل ذلك أن التتبعات تجرى بمقتضى نصوص قانونية نسخت وخرجت من دائرة التطبيق وعوضت بنصوص أخرى. ولعل أبرز تجليات هذه الوضعية تبرز من خلال تتبع عدد من الصحافيين بمقتضى قانون الصحافة الصادر سنة 1975 وبعض فصول المجلة الجنائية متخلية عن النص الخاص الذي عوض مجلة الصحافة وهو المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الصحافة. لا يتسع المجال لتعديد وسرد كل الخروقات القانونية التي ارتكبت ومازالت ترتكب منذ وصول الترويكا للسلطة ولنا في مختلف القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية فيما يتعلق بجرايات رئيس المجلس والنواب فيه او تركيبة الهيئة المستقلة للانتخابات أو النيابات الخصوصية عينة واضحة أن احترام القانون والإجراءات هو من أقل الأمور أهمية للسلطة وأن دولة القانون، التي هي من استحقاقات الثورة، وعلى غرار الشرعية ليست من اهتمامات السلطة الحالية. فإلى متى ستتواصل هذه الحالة من غياب الشرعية والتمسك المستميت بغنيمة السلطة ومتى تنعم تونس العزيزة بالانتقال للديمقراطية وبالشرعية الحقة ؟

lundi 15 juillet 2013

La déposition du Président Morsi entre légalité constitutionnelle, légitimité révolutionnaire et coup d'Etat

La déposition du Président égyptien Mohamed Morsi, le 3 juillet 2013, pose pour les juristes, dans des termes nouveaux, la question récurrente de la distinction entre légalité et légitimité, notions que la terminologie arabe confond très souvent en opérant un amalgame peu innocent entre « charîiya » (شرعية) et « machrouîiya » (مشروعية). La question se complique lorsqu'elle se trouve confrontée à un mouvement populaire et à une intervention militaire. Légalité et légitimité Pour être précis, et afin de trouver une qualification juridiquement et politiquement acceptable de la situation qui a prévalu en Egypte le 3 juillet 2013, il y a lieu de définir avec précision les deux notions de légalité et de légitimité. Par légalité, nous désignons la qualité de ce qui est conforme à la loi lato sensu, c'est-à-dire ce qui est conforme au droit dans ses deux aspects formel (procédural) et matériel (substantiel). La conséquence d'une telle assertion est que la règle inférieure doit être conforme à la règle supérieure, la règle individuelle doit être conforme à la règle générale, etc. Notion de droit administratif, la légalité a été étendue au champ constitutionnel. C'est ainsi qu'on parle de légalité constitutionnelle et plus précisément de constitutionnalité. La légalité ne peut exister sans la légitimité qui la renforce. Les actes d'un organe illégitime sont ipso facto illégaux, quand bien même ils seraient formellement conformes au droit. De ce fait, la légitimité se réfère au fondement de l'autorité et comporte à la fois une dimension juridique et une dimension éthique. La légitimité politique renvoie à une sorte d'accord tacite conclu entre gouvernants et gouvernés, titulaires initiaux de la souveraineté, en vertu duquel les gouvernants exercent l'autorité dans le but de la réalisation du bien commun ou des aspirations du peuple. Dans les systèmes démocratiques, la légitimité est généralement conférée par les élections, ce qui permet de faire coïncider les deux notions de légalité et de légitimité. A ce niveau, une question se pose: que devient la légitimité si l'élu se révèle incompétent dans l'exercice des charges liées à son mandat ou s'il détourne les pouvoirs dont il a été chargé, ou encore s'il trompe la confiance de ses électeurs? A ce moment une scission entre légalité et légitimité s'opère. Que dire alors lorsque des millions de personnes réclament la destitution de l'élu par voie de pétition ou par manifestations populaires? Les révolutionnaires de 1789 avaient prévu l'hypothèse de rupture entre légalité et légitimité. Après avoir déclaré dans l'article 3 de la Déclaration des droits de l'homme et du citoyen du 26 août 1789 que "le principe de toute souveraineté réside essentiellement dans la Nation" et que "nul corps, nul individu, ne peut exercer d'autorité qui n'en émane expressément", ils ont bien pris le soin de reconnaître comme "droits naturels et imprescriptibles de l'homme", "la résistance à l'oppression". Aux Etats-Unis, et dans certains Etats fédérés, les constituants ont institué la procédure durecall (rappel), qui est un moyen pour les citoyens de destituer un élu, de mettre fin à son mandat avant sa fin légale. Si un assez grand nombre de citoyens se réunit contre un élu, ce dernier peut être obligé de démissionner. Le cas égyptien Revenons, après ces précisions terminologiques à la situation égyptienne. Personne ne conteste que le président égyptien démis occupait une position constitutionnelle à la fois régulière et légitime. Candidat du parti de la liberté et justice (frères musulmans), il a été en effet promu Président de la République le 30 juin 2012 suite à des élections déclarées, grosso modo, honnêtes et démocratiques. Investi pour un mandat de 5 ans, M. Morsi a commencé à exercer ses compétences constitutionnelles de chef d'Etat dès le 30 juillet 2012. Cependant, et très vite après son accession à la magistrature suprême, il a commencé à tourner le dos à ses engagements électoraux et a pris un certain nombre d'initiatives politique et juridiques en contradiction totale avec les aspirations de la révolution égyptienne de janvier 2011 et des engagements pris lors de sa campagne électorale. Il en a été ainsi notamment lorsqu'il s'est approprié le pouvoir constituant et a procédé à la promulgation unilatérale, le 22 novembre 2012, d'une "proclamation constitutionnelle". Il s'est ainsi auto-conféré la possibilité de légiférer par décret et le pouvoir d'annuler des décisions de justice déjà en cours. Des manifestations de plusieurs milliers de personnes ont alors lieu dans le pays. Le 9 décembre 2012, prenant de court les contestations, Morsi annonce qu'il soumet le projet de Constitution à référendum, alors qu'il avait donné sa parole que la Constitution ne passerait jamais sans qu'un accord ne soit trouvé entre toutes les forces politiques du pays. L'Egypte commence à s'agiter Après des semaines de manifestations rivales ayant parfois dégénéré en violences meurtrières, les électeurs égyptiens se prononcent, dans l'indifférence et la lassitude, le 15 décembre 2012, sur le projet de Constitution avec en résultat une victoire du oui. Ce texte controversé ouvre la voie à des interprétations rigoristes de l'islam et offre peu de garanties pour certaines libertés. Des violences entre partisans et adversaires du texte ont lieu au Caire et à Alexandrie. La résistance est allée grandissante avec la constitution d'un front de l'opposition. Des évènements tragiques inter-religieux et des affrontements entre factions rivales divisent la société égyptienne. Manifestations et contre-manifestations se succèdent dans un climat de violence de plus en plus lourd. Ainsi, si Morsi est arrivé au pouvoir par les urnes, sa gestion calamiteuse des affaires de l'Etat ne correspondait pas à une gestion démocratique de la chose publique. Alors que le pays avait besoin, plus que jamais, de consensus politique pour aller de l'avant, le président et ses supporters de la confrérie se sont entêtés à refuser tout dialogue sérieux et sincère avec l'opposition. Le mouvement Tamarod arrive à recueillir 20 millions de signatures exigeant la démission du président Morsi. Ce dernier choisit la fuite en avant. Des millions d'Egyptiens occupent l'emblématique place Tahrir du Caire et plusieurs autres places publiques un peu partout en Egypte et réclament le départ du président. Les partisans du président organisent des contre-manifestations et occupent la place Rabâa Al Âdaouia au Caire ainsi que quelques autres places dans diverses villes égyptiennes. Face aux dangers d'affrontements meurtriers, l'armée adresse un appel au dialogue à toutes les forces politiques assorti d'un ultimatum: si au bout de 48 heures aucun accord n'est trouvé, elle se verrait obligée d'annoncer une feuille de route. Dialogue de sourd et destitution Le président égyptien et ses partisans rejettent obstinément l'appel et s'accrochent à la "charîiya". Le terme revient dans le discours du président Morsi (2 juillet) plus de 60 fois. Face à l'absence d'issue négociée, l'armée met en pratique son ultimatum. Le 3 juillet, le ministre de la défense chef des armées, entouré du Cheikh d'El Azhar, du pape copte, de certains leaders des mouvements contestataires annonce la destitution du président Morsi, la suspension de la Constitution, la désignation du Président de la Haute cour constitutionnelle comme président intérimaire, la formation d'un gouvernement d'union nationale et l'organisation d'élections législatives sur la base d'une loi électorale dont la préparation incombe à la haute juridiction constitutionnelle. Les réactions à ce changement fondamental sont contradictoires. Alors que les partisans du président Morsi en Egypte et ailleurs dénoncent un coup d'état militaire et un renversement contre la "charîiya" انقلاب على الشرعي, les anti- Morsi crient au triomphe de la légitimité révolutionnaire et à la rectification de la trajectoire de la révolution égyptienne de 2011, confisquée et détournée par les frères musulmans. Quant aux réactions des puissances étrangères et des instances internationales, tout en évitant de qualifier l'évènement, elles se prononcent pour une reprise rapide du processus démocratique et l'organisation d'élections honnêtes et régulières au plus vite. Seul le Conseil de paix et de sécurité (CPS) de l'Union africaine qualifie la situation de "changement anticonstitutionnel" conformément à une doctrine aujourd'hui bien établie de l'organisation panafricaine. Les droits et privilèges inhérents à la qualité de membre de l'UA de l'Egypte sont en conséquence suspendus. Notons que, dans le communiqué du CPS, aucune référence à la légitimité n'est faite. La position de l'UA repose sur des considérations strictement formelles de procédure constitutionnelle, ce qui est juridiquement incontestable. Une opération finalement légitime A la lumière de ce qui précède, il est évident que la qualification de la situation égyptienne n'est pas aisée. Elle ne peut de toutes les manières pas être qualifiée de façon simpliste et abrupte de coup d'Etat militaire (putsch). Les éléments constitutifs de ce dernier ne sont pas réunis malgré l'implication de l'armée dans le processus de destitution de Morsi. Un coup d'Etat militaire se définit comme une conspiration d'un groupe armé en vue de la prise du pouvoir par les armes et son exercice par les militaires. Dans l'espèce qui nous intéresse, ce n'est sûrement pas le cas. L'armée n'a ni pris ni exercé le pouvoir. Elle n'a fait que se mettre au diapason d'un mouvement révolutionnaire et épouser sa cause. D'ailleurs, dans le communiqué de destitution, la feuille de route fixée est très claire: aucun militaire n'a été chargé de prendre part à la direction de la période transitoire. La plus haute autorité juridictionnelle d'Egypte, nommée depuis à peine 48 heures par Morsi lui-même, a été chargée de la présidence, alors que le gouvernement à former sera un gouvernement civil. Par ailleurs, la présence d'autorités religieuses et politiques lors de la proclamation de la feuille de route est une preuve que nous ne sommes point dans une situation de coup d'Etat. Il pourrait s'agir, comme l'a affirmé l'UA, d'un changement anticonstitutionnel, mais cela ne vaut que sur un plan strictement formel et procédural. Mais sur le plan substantiel, le président, par sa gestion et ses décisions, a totalement dévié par rapport à ce pourquoi il a été élu. La réaction populaire n'est pas un non événement. Elle a ôté au président Morsi la légitimité politique et démocratique qui accompagnait et fondait la légalité constitutionnelle. Pour cette raison, nous disons que l'opération de destitution est légitime. Aujourd'hui, il faut espérer un retour rapide de la légitimité démocratique telle qu'annoncée par la feuille de route dans un environnement pacifié et dans le respect de droits de l'homme et des libertés publiques pour tous.

dimanche 9 juin 2013

مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين السياسي أي مشروعية ؟ أي دستورية ؟

تقدم منذ مدة عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ينتمون لكتل برلمانية مختلفة، نخص بالذكر منها كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وكتلة حركة النهضة وكتلة وفاء بمشروعي قانون يتعلق الأول بتنقيح المرسوم عدد87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 نوفمبر 2011 حول الأحزاب السياسية ويتعلق الثاني حسب المبادرين به "بالتحصين السياسي للثورة" تولى إحالتهما رئيس المجلس على لجنتي التشريع العام من جهة والحقوق والحريات من جهة ثانية. وقد فررت لجنة التشريع العام دمج المقترحين "اعتبارا أنهما متحدين في الموضوع". وقد جاء في شرح أسباب مقترح مشروع تحصين الثورة ما يلي: "إن من طبيعة الثورات وخاصة السلمية منها أن تنشأ غضة طرية وسرعان ما تعالجها رياح سموم الثورة المضادة التي تسعى لاقتلاع النبتة من أصولها أو على الأقل تشويه نموها وحرفها (هكذا) عن اتجاهها الصحيح و وإن من واجب القائمين والمؤتمنين على الثورات أن يبادروا إلى تحصين الثورة منذ بدايتها لتتمكن من تثبيت أصولها في عمق الأرض التي نشأت عليها ومد فروعها وارفة نحو الأفق الذي ترنو إليه. وقد كان من واجب من تحملوا المسؤولية غداة الثورة أن يبادروا لسن قانون يحصنها من عودة الفاعلين في الاستبداد ولكن ذلك لم يتحقق لأسباب عدة، وما كان لهذا النقص الفادح أن يتواصل فمن واجبنا تجاه الثورة والوطن وتحقيقا لبعض أهداف الثورة وبرا بعهد الوفاء لدماء الشهداء والجرحى وحتى يكونفي مجلسنا رجع لصدى الصيحات والحناجر التي بحت (هكذا) في اعتصامات القصبة منادية بتحصين الثورة من أعداءها فقد رأينا أن نبادر لتقديم مشروع قانون في التحصين السياسي للثورة". يخال السامع أو القارئ لهذا المقتطف من شرح الأسباب أنه نص صادر عن قلم الطاغية السوفييتي ستالين لما أباد الملايين من أبناء شعبه بادعاء انتماءهم للثورة المضادة أو عن قلم الزعيم الصيني ماوتسي تونغ لما أطلق عنان الثورة الثقافية أو من لا يقل على الأولين طغيانا ودموية الكمبودي بول بوت لما صفى هو الآخر باسم تحصين الثورة الملايين من أبناء شعبه الأبرياء. وقد اقتصرنا على ذكر هؤلاء الثلاثة حتى لا نغور في طيات التاريخ. فكم من جرائم إبادة جماعية وكم من جرائم في حق الإنسانية ارتكبت بدعوى تحصين الثورات والدفاع عنها. و ينص الفصل الأول من مشروع القانون الذي يقع في في أحد عشر فصلا دون تبويب على الهدف من مشروع القانون وهو : "إرساء التدابير الضرورية لتحصين الثورة تفاديا للالتفاف عليها من قبل الفاعلين في النظام السابق". وسوف نحاول في هذا التعليق على المشروع التعرض بداية لمدى مشروعية هذا القانون قبل أن نحلل مدى دستوريته. 1 – مشروع فاقد لكل مشروعية يستنتج من خلال ما جاء في شرح الأسباب من جهة، ومن خلال ما نص عليه الفصل الأول من المشروع من جهة ثانية، أن غاية هذا القانون أخلاقية سامية. فهو يرنو إلى "تحصين ألثورة" أي إحاطتها بحصن أي بجدار دفاعي أو برباط وقاية لها من "الالتفاف" عليها ممن يتربص بها من "الفاعلين في النظام السابق". ورغم الإبهام المطلق لمختلف هذه العبارات والجمل، يفهم من السياق العام الذي تمر به البلاد، أن الثورة المعنية هي الثورة التونسية المنعوتة بثورة الكرامة والحرية المندلعة رسميا يوم 17 ديسمبر 2010 والمتوجة بهرب رئيس الدولة آنذاك، زين العابدين بن علي، يوم 14 جانفي 2011. أما المتربصون بالثورة فهم حسب التعبيرات المتداولة أزلام أو رموز أو فلول النظام السابق وقد نعتوا في المشروع بكونهم "الفاعلين في النظام السابق" لتوفر صفات فيهم خلال فترة تاريخية معينة "في الدولة أو في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المحلول" (هكذا : المحلول). وللتدقيق في مدى رجاحة هذا المشروع وجب التوقف عند الفئات والأشخاص المستهدفين الذين يضع مشروع القانون على كاهلهم قرينة الالتفاف على الثورة. فالالتفاف على الثورة لم يعرف لا صراحة ولا تلميحا، بل وقع التعامل معه على أنه معطى موضوعي وأن توفره حكر على من نعتوا ب" الفاعلين في النظام السابق" وهم حسب المشروع الذين تولوا مسؤوليات معينة صلب الدولة او حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (المحلول) بين 7 نوفمبر 1987 و14 جانفي 2011، علما أن الفصل 2 من المشروع تعامل بانتقائية مشبوهة مع مختلف الوظائف إذ ادرج بعضا منها دون أخرى خاصة عضوية مجلس المستشارين. وإذا حاولنا التعمق في مفهوم الالتفاف على الثورة أو مفهوم قوى الثورة المضادة، لتبين لنا أن هذا المفهوم تم تعريفه بالرجوع إلى صفات إدارية أو سياسية أو حزبية تقلدها شخص مدة من الزمن ولم يعرف اعتمادا على أفعال مادية مخالفة للقانون أتاها فرد أو جماعة للرجوع إلى الوراء والدعوة للتخلي عن المبادئ التي قامت من أجلها الثورة، وعليه فإن القوى المضادة للثورة يمكن أن تنتمي لأي تيار فكري أو سياسي أو ديني أو ثقافي أو اجتماعي ويمكن أن تتوفر على حد السواء في الفاعلين في النظام السابق ولكن أيضا في الفاعلين في النظام الحالي الذين تنكروا لمبادئ الثورة وانحرفوا بها لإقامة نظام تيوقراطي استبدادي وللاستيلاء على مفاصل الدولة وذلك بشهادة رئيس الجمهورية المؤقت نفسه وبالتمديد في التفويض الشعبي إلى ما لا نهاية له وبالتغاضي عن ممارسي العنف والقتل والإرهاب والتسامح مع الخارجين عن القانون. انطلاقا من هذه المعطيات يبدو جليا أن الهدف الحقيقي وغير المعلن من هذا المشروع ولكنه غير خاف عن أولي الألباب بعيد كل البعد عن كل غاية أخلاقية و الهدف ليس تحصين الثورة بل هو تحصين فئة سياسية معينة ألا تفض التداول عن السلطة والاحتكام لصاحب السيادة أربكتها استطلاعات الرأي التي أكدت بصفة منتظمة تنامي شعبية حزب حركة نداء تونس ورئيسه الأستاذ الباجي قائد السبسي فلم تجد غير هذه الطريقة الخسيسة لإقصاء أهم خصومها السياسيين. فهي غير واثقة في نفسها وتعتبر أن الناخب قاصر لا يتقدم لنيل صوته إلامن يرضى عنه النظام الحا لي وخاصة حزب النهضة لا غير. وفي هذا المعنى كتب الأستاذ حاتم مراد : " En Tunisie, la loi d’exclusion se veut une vengeance collective, radicale, sans nuance, sans distinction, contre toute l’ancienne classe politique au pouvoir mise dans le même sac : les mauvais, les moins mauvais et les bons » إضافة إلى كل هذا، فإن هذا المشروع، إذا ما تمت المصادقة عليه ثم إصداره ونشره، غير قابل للطعن بعدم الدستورية أمام مجلس أو محكمة دستورية باعتبار غياب مثل هذا الهيكل في ما يعبر عنه ب"الدستور الصغير"، شأنه في ذلك شأن القوانين الجائرة التي صدرت قبل ديسمبر 1987، أي قبل إنشاء المجلس الدستوري. فالمجلس التأسيسي أسند لنفسه جزافا، بمقتضى القانون التأسيسي عدد 6 الصادر في 16 ديسمبر 2011، سلطة تشريعية غير مقيدة وغير خاضعة للرقابة، ويا لخيبة المسعى. فالشعب التونسي، الذي رفعت ثورته شعار الحرية ودولة الحق، يجد نفسه اليوم بين مخالب مشرع، أي في الواقع أغلبية سياسية نسبية، طليقة اليدين تسطر له وتفصل ما تشاء من القوانين، كلها محل جدل ومعارضة ولا معقب ولا رقيب عليه. 2 – مشروع مخالف للمبادئ الدستورية الحالية من المفارقات العجيبة أن مشروع القانون الأساسي موضوع دراستنا مخالف لما سطره ووضعه المجلس الوطني التأسيسي نفسه في القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. كما إنه مخالف لقرار المجلس القومي التأسيسي الصادر في 25 جويلية 1957 المتعلق بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية.وهو أيضا مخالف للمبادئ العامة للقانون 2 – 1 . خرق مشروع القانون للقانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية نعت القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية ب"الدستور الصغير" معنى ذلك أنه يعتبر، وإلى حين صدور الدستور الجديد، المرجع والمعيار لكل شرعية قانونية، فهذا النص منزل منزلة الدستور المؤقت ويحتل المرتبة العليا في هرم القواعد القانونية وعليه فإن النصوص التشريعية لا بد أن تكون مطابقة لنصه ولروحه ومتلائمة معهما. وبتحليلنا لمقتضيات مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين السياسي للثورة سوف نبرز أن هذا المشروع مخالف لما جاء في توطئة الدستور الصغير وخاصة لما نصت عليه الفصول 4 و6 و24. 2 – 1 -1 . خرق توطئة القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية اقتضت توطئة "الدستور الصغير" ما يلي : "وحرصا على إنجاح المسار التأسيسي الديمقراطي وضمان الحريات وحقوق الإنسان". ويترتب عن هذه الجملة أن مهمة المجلس الوطني التأسيسي تتمثل في إنجاح المسار التأسيسي وذلك بضمان أحسن الظروف وأصلح الممهدات لممارسة ديمقراطية حقة تتيح لكل مواطن ممارسة جميع حقوقه السياسية والمدنية دون تقييد أو شروط إقصائية وعلى قدم المساواة مع جميع المواطنين. ومن هذه الحقوق الأساسية حق الانتخاب والترشح و ممارسة الوظائف العمومية دون تمييز من أجل العرق أو الأصل او الجنس أو الانتماء السياسي. وقد التزم المجلس الوطني التأسيسي بضمان الحريات وحقوق الإنسان وذلك لا يتسنى بالإقصاء والتمييز بين المواطنين الذين لم يثبت في شأنهم ارتكاب جرم أو جنحة تخول حرمانهم من حقوقهم. وباعتبار أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين السياسي للثورة استثنى عددا من الأشخاص المعينين صراحة من أجل اضطلاعهم بمسؤوليات سياسية أو إدارية معينة خلال الفترة المتراوحة "بين 7 نوفمبر 1987 و 14 جانفي 2011" وحرمهم من حقوقهم الثابتة لمدة زمنية حددها مشروع القانون ب"سبع سنوات من تاريخ دخول القانون حيز النفاذ".وقد بين الفصل 2 من المشروع الفئات المعنية بالحرمان و هي : - وزير أول أو وزير أو كاتب دولة أو مدير أو عضو بديوان رئيس الجمهورية ممن لهم رتبة وزير. - مرشح الحزب المذكور لمجلس النواب - رئيس أو أمين عام أو أمين عام مساعد أو عضو الديوان السياسي أو اللجنة المركزية أو كاتب عام أو عضو لجنة تنسيق (باستثناء ممثل المقاومين) أو كاتب عام او عضو جامعة ترابية أو مهنية (باستثناء ممثل المقاومين) أو رئيس شعبة ترابية أو مهنية أو مدير ممركز الدراسات والتكوين. - رئيس أو عضو الهيكل المركزي ل"منظمة الشباب الدستوري الديمقراطي و منظمة طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي - كل من ناشد زين العابدين بن علي للترشح لانتخابات 2014" أما ميدان الحرمان فينطبق على ما يلي : - الترشح لرئاسة الجمهورية أو لعضوية المجلس المكلف بالتشريع أو لعضوية أو رئاسة الجالس البلدية أو أي مجالس لها صفة الجماعات العمومية - تولي رئاسة الحكومة أو عضويتها - تولي إدارة ديوان رئيس الجمهورية أو ديوان رئيس الحكومة أو ديوان رئيس الجلس المكلف بالتشريع - تولي مهمة المحافظ أو المحافظ المساعد للبنك المركزي التونسي - تولي مهمة سفير أو قنصل أو وال أو معتمد - رئاسة أو عضوية أي من الهياكل القيادية المركزية أو الجهوية في الأحزاب السياسية أو عضوية هيئاتها المؤسسة مع التذكير من ناحية أن منطلق تاريخ الإقصاء عين في المشروع الأول 2 أفريل 1989 وأن من ناحية أخرى العديد من الفئات المحرومة من الحقوق كانت تعرضت لعقاب الحرمان من الترشح لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي بمقتضى الفصل 15 من المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المتعلق بانتخاب مجلس وطني تأسيسي. 2 – 1 – 2. خرق الفصول 4 و 6 و 24 أقتضى الفصل 4 من الدستور الصغير أن المجلس الوطني التأسيسي يمارس "السلطة التشريعية طبقا لهذا القانون" أي أن النصوص التشريعية الصادرة عن المجلس لا بد أن تكون مطابقة لمقاصد القانون التأسيسي ولمنطوقه وهذا يحيلنا على ضرورة ضمان الحريات وحقوق الإنسان وهذا ما لا يتوفر في المشروع أما الفصل 6 من الدستور الصغير فقد وقعت أيضا مخالفته. فهذا الفصل حدد على سبيل الحصر النصوص التي تتخذ شكل قانون أساسي ولم يشر إلى اتخاذ نص ل"تحصين الثورة". كما إن المشروع مخالف للفصل 24 من الدستور الصغير المتعلق بالعدالة الانتقالية الذي كلف المجلس التأسيسي بسن قانون أساسي للعدالة الانتقالية وضبط أسسها ومجال اختصاصها. لكن المجلس تخلى عن هذه المهمة وانحرف بالسلطة صارفا اهتمامه عن مشروع العدالة الانتقالية الذي أعدته هيئة مختصة وتقدمت به الحكومة ومركزا على قانون تحصين الثورة الذي لا مستند قانوني له. 2 – 2. خرق قرار المجلس القومي التأسيسي الصادر في 25 جويلية 1957 المتعلق بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية ورد في اطلاعات الدستور الصغير ذكر قرار المجلس القومي التأسيسي الصادر في 25 جويلية 1957 المتعلق بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية. وكما هو متعارف فإن هذا القرار يتمتع بقيمة فوق دستورية وما ذكره في الاطلاعات المذكورة إلا تأكيد لبقائه حيز النفاذ. وقد تعرض هذا القرار الى أن السير في طريق النظام الديمقراطي هو وجهة المجلس والنظام الديمقراطي يقوم على تحكيم الشعب صاحب السيادة ولا يخول لأي كان أن يختا باسمه أو أن ينتقي له من هو جدير بالترشح للانتخابات أو لتقلد وظيفة عمومية. 2 – 3. خرق المبادئ العامة للقانون المتفق عليها بين الأمم تشكل المبادئ العامة للقانون في القانون الوطني وفي القانون الدولي مصادر للأحكام يرجع إليها القاضي المدني والإداري والدستوري والدولي أو كل من هو مكلف بتطبيق القانون للمحافظة على الشرعية القانونية وضمان حقوق الناس ضد كل الانتهاكات مهما كان مأتاها. وبالرجوع لمقتضيات مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين السياسي للثورة نلاحظ أن هذا المشروع ينتهك انتهاكا صارخا عددا لا يستهان بها من المبادئ العامة للقانون الراسخة في بلادنا والمتفق عليها دوليا حتى أن بعضها ارتقى لمرتبة القواعد الآمرة للقانون الدولي . فقد استحدث المشروع محل اهتمامنا عقوبة الحرمان من مباشرة عدد من الحقوق السياسية وتقلد بعض المناصب في الدولة والأحزاب السياسية عن وقائع سابقة لصدوره مخالفة للمبدأ القانوني الراسخ مبدأ عدم رجعية العقوبات. من ناحية أخرى فقد أنشأ المشروع قرينة إدانة ورتب عنها جزاء قانونيا يتمثل في عقبة جماعية دون حكم قضائي صادر إثر محاكمة عادلة تضمن فيها جميع الضمانات للمظنون فيه للدفاع عن نفسه وفي ذلك خرق سافر لمبدأ قرينة البراءة من ناحية ولمبدأ شخصية العقوبة من ناحية أخرى هذا علاوة على تجاوز المشرع لصلاحياته بممارسة اختصاص هو من صميم اختصاص السلطة القضائية و هذا يعد تجاوزا غير مقبول لمبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء. وقد كانت المحكمة الدستورية العليا المصرية أكدت ذلك في حكمها الصادر في 14 جويلية 2012 بقولها: كما أسس المشروع عقوبات الحرمان من الحقوق والإقصاء من الحياة السياسية الواردة فيه على مجرد صفات وحالات لا على أفعال مادية معينة أو جرائم أو جنح أو مخالفات معروفة ومضبوطة بنصوص قانونية سابقة الوضع بل إنه ميز اعتباطا ودون معايير موضوعية مجردة وغير مشخصة بين بعض من تلك الوظائف دون أخرى مثل تغاضيه (لأمر واضح) عن إقحام عضوية مجلس المستشارين ضمن قائمة الوظائف الموجبة للحرمان والإقصاء. أخيرا فإن هذا المشروع مناف لمبدأ المساواة بين الموطنين الذي يعتبر الأساس للحقوق والحريات مهما كانت طبيعتها ضد كل تمييز قد ينال من الحق أو من الحرية. وإذا كان للمشرع الحق في تنظيم ممارسة الحق أو الحرية مع ضمان تكافأ الفرص فإن ذلك لا يخول له أبدا أن يسن تدابير وإجراءات تنم عن توجهات حزبية وحسابات فئوية تثير الضغائن والأحقاد و تقسم المجموعة الوطنية إلى مجموعات متناحرة. وباعتبار ان كل ما جاء في الشروع قد تضمن حرمانا لفئات من الشعب التونسي من مباشرة عدد من الحقوق السياسية ومن تولي بعض المناصب في الدولة لمدة سبع سنوات لمجرد تقلدهم مناصب حكومية أو حزبية أو انتخابية خلال كامل الفترة المتراوحة بين 7 نوفمبر 1987 و 14 جانفي 2011 فإنه يكون قد أقر تمييزا تشريعيا بين المواطنين التونسيين لا يرتكز على أسس او معايير موضوعية ومنطقية ويضع فوارق مصطنعة مخالفة لمبدأ المساواة ولمبدأ العدل بين المواطنين. كما إن المشروع لم يشترط إثبات أن من تولى المناصب الموجبة للإقصاء ارتكب أفعالا مخالفة للقانون كالرشوة والفساد أو التعذيب أو تجاوز السلطة. هكذا يتبين أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين السياسي للثورة مناف لأبسط المبادئ القانونية وأبعد ما يكون عن المفاهيم الديمقراطية وعن مستلزمات دولة الحق ويشكل انحرافا بالسلطة التشريعية ومصادرة لشعب صاحب السيادة في اختيار ممثليه دون وصاية و طريقة لا أخلاقية لتمكين أغلبية اليوم من التخلص من منافسين سياسيين وعدم مواجهتهم سياسيا في نطاق انتخابات حرة ديمقراطية مفتوحة شفافة ونزيهة.