samedi 18 octobre 2014

الآجال الدستورية في ضوء الأحكام الانتقالية


تمهيد
أفرد دستور 27 جانفي 2014 بابه العاشر للأحكام الانتقالية. ويحتوي هذا الباب على فصلين اثنين هما :
-         الفصل 148 وهو الفصل الأهم ويمتاز بطوله وبتعقيده (9 فقرات كاملة بعضها يحتوي بدوره على فقرات فرعية عديدة).
-          الفصل 149 وهو يتعلق بمواصلة المحاكم العسكرية ممارسة صلاحياتها الموكولة لها بما يتماشى والفصل 101 من الدستور.
ونظرا للالتباسات التي يثيرها الفصل 148 من حيث الدخول التدريجي لأحكام الدستور وإبقاء بعض أحكام التنظيم المؤقت للسلط العمومية سارية المفعول رأينا من المفيد تبسيطه من خلال البيانات التالية، حيث يستشف من الفصل 148 أن دخول بعض أحكام الدستور، وبالتالي الانتهاء من العمل ببعض أحكام التنظيم المؤقت للسلط العمومية تخضع لخمسة آجال:

1-   بعض الأحكام من التنظيم المؤقت للسلط العمومية يتواصل العمل بها "إلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب" أي إلى يوم 26 أكتوبر 2014.

2       - بعض الأحكام الأخرى تنص على مواصلة العمل بفصول محددة من التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى "حين انتخاب رئيس الجمهورية" أي إما إلى تارخ 23 نوفمبر 2014  أو في صورة اللجوء إلى دور ثان إلى تاريخ ذلك الدور الذي لم يحدد بعد رسميا من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والذي قد يقع يوم 28 ديسمبر 2014.

3       - الصنف الثالث من الأحكام الانتقالية يتحدث عن دخول عدد من أحكام الدستور "بداية من يوم الإعلان عن النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية" أي حسب  الرزنامة التي أعدتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 24 نوفمبر 2014.

4       - الصنف الرابع من الأحكام الانتقالية يتحدث عن دخول عدد من أحكام الدستور "بداية من يوم الإعلان عن النتائج النهائية لأول انتخابات رئاسية مباشرة" أي حسب  الرزنامة التي أعدتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 21 ديسمبر 2014 وذلك في صورة عدم اللجوء إلى دور ثان للانتخابات الرئاسية أو في 15 جانفي 2015 في صورة تنظيم دور ثان للرئاسية..

5       - الصنف الخامس من الأحكام يتواصل العمل بها "إلى حين نيل أول حكومة ثقة مجلس نواب الشعب"

ملاحظة
زيادة على هذه الأصناف الخمسة تعرض الفصل 148 إلى آجال تتعلق باستكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء أو استكمال تعيين أعضاء أول تركيبة للمحكمة الدستورية (إلخ) وهي أحكام لن نتعرض إليها ويأتي الحديث عنها في إبانها.




استنتاجات هامة



-         تنتهي الصلاحيات التشريعية و الرقابية للمجلس الوطني التأسيسي إلى حين " انتخاب مجلس نواب الشعب"، أي يوم 26 أكتوبر 2014. (الفصل 148 عدد 1 الفقرة3).

-        يتولى رئيس المجلس الوطني التأسيسي في أجل "أقصاه 15 يوما من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات" دعوة مجلس نواب الشعب المنتخب للدورة الأولى من المدة النيابية (الفصل 57 فقرة 1 من الدستور).

-        يتنهي العمل بالفصل 15 من النظام المؤقت للسلط العمومية المتعلق بصلاحيات الرئيس المؤقت في تعيين رئيس الحكومة يوم انتخاب مجلس نواب الشعب (الفصل 148 عدد 1 الفققرة1) (26 أكتوبر 2014).

-        وتواصل الحكومة الحالية (حكومة الكفاءات الوطنية برئاسة السيد المهدي جمعة) الاضطلاع بمسؤولياتها إلى حين حصول الحكومة الجديدة على الثقة (الفصل 148 عدد 1 الفقرة 1).

-        وعملا بالفصل 89 من الدستور الذي  يدخل حيز النفاذ "بداية من يوم الإعلان عن  النتائج النهائية للانتخات الرئاسية"، يكلف رئيس الجمهورية  الجديد مرشح الحزب أو الائتلاف المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة.

lundi 6 octobre 2014

متى تنتهي الصلاحيات التّشريعيّة للمجلس الوطني التأسيسي




لا يخفى على أحد أن المجلس الوطني التأسيسي انتخب يوم 23 أكتوبر 2011 لسنّ دستور الجمهوريّة التّونسيّة في اجل اقصاه سنة من تاريخ انتخابه، وذلك بمقتضى الأمر عدد 1086 لسنة 2011 المؤرّخ في 03 اوت 2011 المتعلّق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وكذلك بمقتضى الإعلان حول المسار الانتقالي الموقّع عليه في 15 سبتمبر 2011 من قبل 11 مسؤول أوّل للأحزاب السّياسيّة الممثلة بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
 الّا أنّ المجلس الوطني التأسيسي - عملا بنظريّة انّه سيّد نفسه - انقلب منذ الوهلة الأولى من التئامه على هذا التّحديد الزمني القانوني والسياسي والأخلاقي لمدّة ولايته فلم يتضمّن القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 الصادر في 16 ديسمبر 2011 والمتعلّق بالتّنظيم الوقتي للسّلط العموميّة أي تحديد للمدّة الولائيّة للمجلس، هذا علاوة على تحويل المجلس من مجلس تأسيسي بحت إلى مجلس تشريعي ومجلس رقابي.
وخلال صائفة 2013 خرجت جموع تعدّ بمئات الآلاف من المواطنين مطالبين برحيل المجلس الوطني التأسيسي. وعلّق عدد كبير من النوّاب عضويتهم بالمجلس ممّا دفع برئيس المجلس بدوره إلى تعليق أعمال المجلس إلى اجل غير مسمّى.
إلّا أنّ خارطة الطريق الّتي أعدّتها المنظمات الأربعة والّتي قبلت بها الأحزاب للدخول في الحوار الوطني أنقذت المجلس التأسيسي ومدّدت في حياته مقابل استقالة حكومة الترويكا الثانية بقيادة السّيد علي العريّض واستبدالها بحكومة كفاءات وطنيّة غير متحزّبة بقيادة السيد المهدي جمعة.
اليوم، ونحن على أبواب انتخاب مجلس نوّاب الشعب في 26 أكتوبر المقبل، ثار الجدل واحتدم مجدّدا حول امكانيّة مواصلة المجلس التأسيسي القيام بمهمّته التّشريعيّة بعد موعد 26 أكتوبر 2014، أي بعد انتخاب مجلس نوّاب الشعب الّذي سيمارس السلطة التّشريعيّة خلال السنوات الخمس القادمة.
لقد طرحت مسالة مواصلة المجلس الوطني التأسيسي الاضطلاع بمهامه التّشريعيّة اثر فشل النّواب وتلكؤهم في المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالإرهاب وغسيل الأموال حيث تقرّر تأجيل مواصلة النظر في مشروع القانون هذا إلى يوم 28 أكتوبر 2014، أي يومين بعد الانتخابات التّشريعيّة في وقت تكون عُرِفت فيه النتائج الأولية للانتخابات هذا علاوة على تعارض هذا القرار مع الذّوق السياسي السليم.
فما هو الموقف القانوني من هذا القرار العجيب والغريب من خلال استقراء أحكام الدستور ؟
على عكس ما يظن، فإنّ الدستور التّونسي المصادق عليه في 27 جانفي 2014 والّذي نشر بالرّائد الرّسمي للجمهوريّة التّونسيّة في 10 فيفري 2014، لم يدخل برمّته حيّز النّفاذ بل علقت العديد من أحكامه إلى حين. فقد تضمّن دستورنا الجديد بابا عاشرا يتكوّن من فصلين اثنين (الفصل 148 وهو فصل طويل ومعقد والفصل 149) يتضمن أحكاما انتقالية.
وقد اقتضى الفصل 148 تدرجا في دخول العديد من مقتضيات الدستور حيز النفاذ ومدّد تبعا لذلك في حياة عدد من فصول القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.
وفيما يتعلق بمهمة التشريع، وبغض النظر عن الأحكام الأخرى المتعلقة برئيس الجمهورية أو بالمجلس الأعلى للقضاء أو بالمحكمة الدستورية أو بالهيئات الدستورية أو بالسلطة المحلية، فإنّ الأحكام الدستورية المنطبقة هي التي جاءت بالفصل 148 عدد 1 فقرة أولى ولا غير ذلك.
لقد اقتضى الفصل 148 عدد 1 فقرة 1 : " يتواصل العمل بأحكام الفصل 4 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب"
وبالرجوع للفصل 4 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المذكور أعلاه، يتبين أنّه يتعلق بالصلاحيات التشريعية للمجلس التأسيسي وقد جاء فيه: " يمارس المجلس الوطني التأسيسي السلطة التشريعية طبقا لهذا القانون "
وإذا رجعنا الآن لفصلنا 148 عدد 1 فقرة 1 من الدستور يتبيّن لنا أنّه أبقى هذا الفصل 4 منطبقا ( مع تحديد من حيث حق المبادرة التشريعية للنواب) ’’ إلى حين انتخاب مجلس نواب الشعب " لا كما جاء في فقرات أخرى من نفس الفصل 148 " بداية من يوم الإعلان عن النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية ".
 وانطلاقا من المبدأ الراسخ فقها وقضاء وقانونا أن النصوص المخولة للصلاحيات تؤول تأويلا ضيقا وبناء على المبدأ الذي لا يقل أهمية أن كل تعداد يعني الحصر، فإنّه لا يمكن بأي حال من الأحوال للمجلس التأسيسي استئناف ممارسته للمهمة التشريعية بعد 26 أكتوبر 2014 ولا يمكن له مواصلة النظر في القانون الأساسي المتعلق بالإرهاب وغسيل الأموال يوم 28 أكتوبر كما قرّر ذلك مكتب المجلس.
إن الإقدام على مثل هذا العمل يشكل خرقا واضحا للدستور لن تقف إزاءه الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين مكتوفة الأيدي زيادة على كونه يشكل خطأ سياسيا جسيما.
صدر بجريدة المغرب التونسية في 07/10/2014. ص : 2