mercredi 25 novembre 2015

المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمحكمة العربية لحقوق الإنسان مقاربة مقارنة


بيروت 29 – 30 أكتوبر 2015
1.     إن نقاء وشرعية أي منظومة لحقوق الإنسان يعتمد على فعاليتها ونجاعتها في حماية وتعزيز احترام حقوق الإنسان المكفولة للجميع. وهذه الحقوق يجب ألا تتوقف عند وضع القواعد الأصلية والإجرائية فقط، ولكن يجب مواصلة إدماج الآليات التي تسمح بالإشراف والفصل في الشكاوى المقدمة من الدول والمنظمات والأفراد حيثما كان ذلك مناسباً.
2.     وللتذكير فقد صمم هيكل منظومة الاتحاد الأفريقي لتعزيز الوحدة والتضامن والتلاحم والتعاون بين شعوب أفريقيا والدول الأفريقية. وقد بني الاتحاد الأفريقي، الذي حل محل منظمة الوحدة الأفريقية (1963 – 2002)، على أساس المبادئ والقيم المشتركة التي تفرض الشعور بالمسؤولية الجماعية من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد. وأن النهج الجماعي يولد توجه السياسة العامة الذي يحدد احترام الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان، والقيم المشتركة.
3.     ورغم عدم تنويه ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية بحقوق الإنسان فقد اعتمدت المنظمة سنة 1981 الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي دخل حيز النفاذ سنة 1986. ولم ينص الميثاق عند اعتماده على محكمة، بل اكتفى بإنشاء لجنة أفريقية لحقوق الإنسان. لكن في سنة 1998 أضيف للميثاق بروتوكول أنشأ المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب واقتضى البروتوكول في مادته الثانية أن"المحكمة تكمل اللجنة في حماية الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".
4.     إن منظومة الاتحاد الأفريقي تدعم اليوم مجموعة من الاجراءات والعلاقات المؤسسية التي تلزم الدول الأعضاء بقبول الالتزام لمواجهة تحديات الحكم من خلال استخدام الأطر التي تم الاتفاق عليها على المستويين الإقليمي والقاري، وخاصة تلك التي وضعت داخل فلك الاتحاد الأفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية.
5.     وكما تم التنصيص عليه بوضوح في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، فان الاتحاد عازم على تعزيز وحماية حقوق الإنسان والشعوب ودعم المؤسسات والثقافة الديمقراطية، وضمان الحكم الرشيد وسيادة القانون والتصدي للتحديات التي تواجه القارة الأفريقية في ضوء التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم.
6.     أما جامعة الدول العربية، التي تأسست إبان الحرب العالمية الأولى (1945)، فإن ميثاقها لم يول مسائل احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد أي أهمية، ولم تبرز هذه المسائل في اهتمامات الجامعة إلا في بداية الألفية الثالثة، حيث كانت الجامعة اعتمدت سنة 1994 الميثاق العربي لحقوق الإنسان، لكنه بقي حبرا على ورق، ولم تصادق عليه إلا دولة واحدة لا غير إلى أن تم تنقيحه وتعديله و اعتماده في صيغة جديدة سنة 2004 خلال القمة السادسة عشرة للجامعة، الملتئمة بتونس. ودخل الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيز النفاذ في 15 آذار سنة 2008. وقد بعث الميثاق في البداية لجنة خبراء حقوق الإنسان، تحولت سنة 2004 إلى لجنة عربية لحقوق الإنسان، تتركب من 7 أعضاء. لكن ميثاق 2004 لم يحدث محكمة. فهذه الأخيرة لم يتقرر إنشاؤها إلا سنة 2014، حيت صادق مجلس الجامعة العربية على نظامها الأساسي في 7 سبتمبر 2014، لكن هذا النظام لم يدخل بعد حيز النفاذ إذ لم تصادق عليه إلى حد الآن أي دولة عضو بالجامعة.
المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في منظومة الاتحاد الأفريقي
7.     ـتمثل المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الهيئة القضائية الوحيدة ذات الولاية لحماية حقوق الإنسان في القارة. ومن ثم فهي الذراع القضائي للاتحاد علما أنه بمقتضى بروتوكول شرم الشيخ (مصر) المؤرخ في 1 يوليو 2008، والذي وقعت عليه 30 دولة من أصل 54 ولم تصادق عليه إلى حد الآن سوى 5 دول فقط، تم دمج المحكمة الأفريقية للعدل والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في محكمة واحدة سميت بالمحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان. ووقع تعديل هذا البروتوكول رغم عدم دخوله حيز النفاذ سنة 2014 بمالابو (غينيا الاستوائية) وأضيفت للمحكمة اختصاصات جنائية. ولم تقع أيضا المصادقة على هذا البروتوكول من قبل أي دولة. رغم هذه البروتوكولات التعديلية فإن النص الوحيد المعتمد اليوم والملزم قانونيا هو بروتوكول واجادوجو المؤرخ  في 9 يونيو/حزيران 1998الذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
8.      وقد استند إنشاء المحكمة على إدراك أن التكامل القاري والسلام والتنمية يجب أن ترتكز على أساس متين من حقوق الإنسان. وكان تأسيسها أيضا محاولة من القادة الأفارقة لمحاربة الإفلات من العقاب وضمان أن الخلافات الفردية والجماعية في الدول الأعضاء فيما يتعلق بحقوق الإنسان، يمكن حلها في إطار قضائي شامل وسليم.
9.      وللمحكمة دور أساسي في تعزيز التزامات الدول الأعضاء لحماية وضمان احترام حقوق الإنسان. وكجهاز من أجهزة الاتحاد الأفريقي يتعين على المحكمة التعاون مع لجنة الممثلين الدائمين وجميع الهيئات الأخرى.
10. ولكي تزدهر آليات حقوق الإنسان يجب أن يكون حق الوصول غير المقيد إلى آلية خارقة فوق الدولة تكون موجودة ويمكن ضحية انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة من اللجوء اليها، بعد استنفاد سبل التقاضي المحلي المتاحة.
11. ولهذا الغرض، اعتمد البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من قبل مؤتمر رؤساء الدول والحكومات لمنظمة الوحدة الأفريقية في 10 يونيو 1998 في واجادوجو، (بوركينا فاسو). ثم دخل حيز النفاذ في 25 يناير 2004. وفي يونيو 2006 أدت الدفعة الأولى من قضاة المحكمة القسم أمام مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في بانجول، (غامبيا). وفي نوفمبر 2006 بدأت المحكمة عملها رسميا بأديس أبابا (أثيوبيا). وفي أغسطس 2007 تحولت المحكمة إلى مقرها بأروشا (تنزانيا). وفي يونيو 2008 اعتمدت المحكمة الأفريقية قواعد نظامها الداخلي المؤقت في انتظار التشاور مع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب من أجل تحقيق المواءمة و الانسجام. وفي 11 أغسطس 2008 تلقت المحكمة الأفريقية أول عريضة دعوى رفعها أمامها السيد/ ميشلو يوجوجومباي (Michelot Yogogombaye)  ضد جمهورية السنغال.
12. جاء إنشاء المحكمة الأفريقية لاستكمال وتعزيز الولاية الوقائية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التي أوجدها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981 والتي دخلت حيز النفاذ سنة 1986، (غالباً ما يشار إليها باسم لجنة بانجول). وهو أيضاً تعزيز لحماية حقوق الإنسان في أفريقيا وضمان الاحترام والامتثال للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وكذلك الصكوك الدولية الأخرى لحقوق الإنسان، من خلال القرارات القضائية.
المصادقة  على البروتوكول والإعلان الاختياري
13. وحتى تاريخ 1 سبتمبر 2015، صادقت 29 دولة فقط من الدول الأعضاء ال54 في الاتحاد الأفريقي على البروتوكول. ومن بين هذه الـ 29 دولة اصدرت 7 دول فقط الإعلان المطلوب بموجب المادة 34(6) بشأن الاعتراف باختصاص المحكمة في تلقي الدعاوى من الأفراد والمنظمات غير الحكومية.
14. إن العقبة الرئيسية أمام التصريف الفعال لولاية المحكمة هي انخفاض مستوى المصادقات، و العدد الذي يقل عن ذلك من الاعلانات المودعة بعد أكثر من 17 عاما على اعتماد البروتوكول المنشئ للمحكمة.
15. في يونيو 2014، لاحظ المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي "بكثير من القلق، أنه بعد ستة عشر عاما من اعتماده، فإن هناك فقط سبعة وعشرين دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي قد صادقت على البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة وسبعة فقط من هذه الدول الأطراف قد أصدرت الإعلان المطلوب بموجب المادة 34(6) من البروتوكول، مما يسمح للأفراد والمنظمات غير الحكومية برفع القضايا أمام المحكمة "، ودعا الدول الأعضاء التي لم تفعل ذلك بعد، للانضمام إلى البروتوكول وإصدار الإعلان المطلوب بموجب المادة 34(6) من البروتوكول. وحث المجلس التنفيذي "الدول الأعضاء المعنية التي لم تفعل ذلك بعد، على الانضمام إلى البروتوكول وإصدار الإعلان قبل يناير 2016"، بوصفه ذلك مظهرا من مظاهر التزامهم بالاحتفال بعام 2016 باعتباره عام افريقيا لحقوق الانسان.
16. وحقيقة أن 29 دولة فقط هي دول أطراف في البروتوكول و 7 منها فقط قد أصدرت الإعلان المطلوب، يعني أن المحكمة لا تملك الاختصاص للنظر في القضايا ضد نصف الدول الأعضاء في الاتحاد لأن النصف الآخر من الدول لم تصادق على البروتوكول الخاص بإنشاء المحكمة. وعلى هذا النحو فإن المحكمة لا تملك القدرة القانونية لاستلام قضايا عن انتهاكات حقوق الإنسان من الغالبية العظمى من مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد.
17. وتجدر الإشارة إلى أن إنشاء المحكمة كان يهدف إلى تعزيز و حماية وتمتع الأفراد بحقوق الإنسان. ومن المفارقات، أنه بعد إنشاء المحكمة، تم منع هؤلاء الأفراد أنفسهم من الوصول إلى المحكمة.
اختصاصات المحكمة الأفريقية واختصاصات المحكمة العربية
18. على غرار المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان وعلى غرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فقد خول البروتوكول للمحكمة الأفريقية اختصاصات استشارية من ناحية واختصاصات قضائية (نزاعية) من ناحية أخرى. وسوف نقارن بين اختصاصات المحكمة الأفريقية واختصاصات المحكمة العربية.
أ . الاختصاصات الاستشارية
19. لا يمثل الاختصاص الاستشاري أمرا استثنائيا أو غير معهود، لكن الملفت للنظر هو أن للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب اختصاصا استشاريا واسعا من حيث الاختصاص الشخصي ومن حيث الاختصاص المادي.
20. فمن حيث الاختصاص الشخصي و بمقتضى المادة 4 من البروتوكول يمكن للمحكمة إصدار آراء استشارية بطلب من :
. دولة عضو بالاتحاد (لا دولة طرف في الميثاق أو في البروتوكول)، أو
. كل حهاز من أجهزة الاتحاد، أو
. منظمة أفريقية يعترف بها الاتحاد.
21. ويبدو جليا أن هذا الاختصاص أوسع بكثير من الاختصاص الاستشاري المخول لنظيرتيها المحكمة الأوروبية والمحكمة الأمريكية. ففي النظام الأوروبي لا يكمن إلا لمجلس الوزراء التقدم بطلب رأي استشاري للمحكمة حول مسائل قانونية تتعلق بتأويل الاتفاق الأوروبي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والبروتوكولات الملحقة به ولا يمكن لطلب الرأي أن يتعلق بمحتوى ومدى الحقوق والحريات المضمنة بالعنوان الأول من الاتفاقية أو بالبروتوكولات ولا حول أي مسألة أخرى يمكن أن تعرض في ما بعد على أنظار المحكمة أو على أنظار مجلس الوزراء. على أن الاختصاص الاستشاري قد يعرف في المستقبل القريب تطورا ذو بال وذلك إثر اعتماد البروتوكول عدد 16 من قبل مجلس الوزراء يوم 10 جويلية 2013 الذي يخول لأعلى الهيئات القضائية الوطنية بالتقدم بطلبات آراء استشارية إلى المحكمة الأوروبية حول مسائل مبدئية تتصل بتأويل الاتفاقية. أما أمام المحكمة الأمريكية فإن الدول الأعضاء وأجهزة منظمة الدول الأمريكية هي الوحيدة التي يمكنه التوجه للمحكمة بطلب رأي استشاري.
22. أما بالنسبة للمحكمة العربية فإن اختصاص إصدار آراء استشارية معترف به بناء على "طلب من مجلس جامعة الدول العربية أو إحدى المنظمات أو الهيئات التابعة لها". وبالمقارنة مع الحكمة الأفريقية فإن الجهات التي يمكن لها طلب الرأي محدودة العدد وهي كلها منظمات أو هيئات حكومية في حين يمكن للمنظمات غير الحكومية التي يعترف بها الاتحاد الأفريقي طلب الراي. وفعلا فقد تقدمت بعض المنظمات مثل المنظمة النيجيرية [1]SERAP  أو المنظمة السينيغالية [2]RADDHO بطلبات إصدار رأي استشاري وهي في طور الدراسة من قبل المحكمة.
23. أما من حيث الاختصاص الاستشاري المادي أو الموضوعي فإن المحكمة الأفريقية مدعوة لإبداء الرأي حول كل مسألة قانونية تتصل بتأويل الميثاق الأفريقي أو كل آلية لحقوق الإنسان سواء كانت إفريقية أولا. ويتعين أن يكون السؤال دقيقا مع الإشارة إلى مواد الميثاق التي يحوم حولها الإشكال. وكما ذكرنا فقد توصلت الحكمة ب8 طلبات لإصدار رأي استشاري. ويمكن مقارنة الاختصاص الاستشاري المادي للمحكمة الأفريقية باختصاص المحكمة الأمريكية الذي وإن كان أقل شمولية من اختصاص الم أ ح إ ش فهو أيضا عريض إذ يمتد إلى الميثاق الأمريكي وإلى كافة المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان في الدول الأمريكية. وهذا الاختصاص يذكر بما نصت عليه المادة 21 فقرة1 من النظام الأساسي للمحكمة العربية  حيث يجوز لهذه الأخيرة "ان تصدر رأيا حول أي مسألة قانونية ذات صلة بالميثاق أو أية اتفاقية عربية متعلقة بحقوق اللإنسان.
ب . الاختصاصات القضائية أو النزاعية
24. لا بد من التعرض للاختصاص الشخصي (1) فالاختصاص المادي(2) فالاختصاص الزمني  (3).
1     )  الاختصاص الشخصي
25. لا يخلو الاختصاص الشخصي للمحكمة من وجهين:
الوجه الأول: يتعلق بالاختصاص الوجوبي التقليدي ومن هذه الناحيه يوجد تشابه بين المحكمة الأفريقية والمحكمة الأوروبية قبل دخول البروتوكول 11 حيز النفاذ. فبمقتضى المادة 5(1) من البروتوكول ووفقا للمادة (33) من النظام الداخلي تتلقى المحكمة الشكاوى و / أو الطلبات المقدمة إليها إما :
*عن طريق اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب،(لجنة بانجول)، أو
*الدول الأطراف في البروتوكول (الدولة الطرف التي لجأت للمحكمة أو الدولة الطرف المشتكى منها أو الدولة الطرف التي تعرض مواطنها لانتهاك لحقوق الإنسان)، أو
*المنظمات الحكومية الدولية الأفريقية.
علما أن المحكمة لم تسجل دعاوى صادرة عن دولة طرف ضد دولة أخرى.
26. أما فتح المجال أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان للجوء إلى المحكمة لانتهاك حقوق الإنسان في دولة طرف في الميثاق فلا يخلو من إيجابية إذ يمكن للجنة، بعد تسلمها لعريضة من شخص أو مجموعة ولاحظت أن الدولة المدعى عليها لم تلتزم بتوصياتها، أن ترفع الأمر للمحكمة. وهذا ما وقع مثلا في قضية سيف الإسلام القذافي ضد ليبيا حيث أمام تجاهل الدولة الليبية للإجراءات العاجلة التي أصدرتها في 18 أبريل 2012 حركت اللجنة دعوى ضد ليبيا أمام المحكمة وطالبت هذه الأخيرة بإصدار أمر بتدابير استعجالية وهو ما قامت به المحكمة بعد التثبت من اختصاصها لأول وهلة في  آذار 2013. ويمثل فتح المجال أمام اللجنة طريقة غير مباشرة متاحة للأفراد لتخطي عقبة المادة 34(6) الذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
27. أما ذات الاختصاص بالنسبة للمحكمة العربية المنتظرة فهو مقصور على "الدولة الطرف التي يدعي أحد رعاياها (هكذا) أنه ضحية انتهاك حق من حقوق الإنسان (...) شرط أن تكون الدولة الشاكية والدولة المشكو في حقها طرفا في النظام الأساسي، أو أن تكون قبلت اختصاص المحكمة على النحو الشار إليه في المادة  20 من النظام الأساسي". وممَا لا شكَ فيه أن إمكانية تقدم دولة عربية بشكوى ضد دولة عربية أخرى من أجل انتهاك لحقوق الإنسان يبقى نظريا ولا يتصور وقوعه كما تثبت ذلك تجربة المحكمة الأفريقية.
28. الوجه الثاني : يتعلق بالاختصاص الشخصي الاختياري على معنى المادتين 5(3) والمادة 34(6) من البروتوكول. فقد أباحت الفقرة 3 من المادة 5 من البروتوكول "للأفراد وللمنظمات غير الحكومية التي لها صفة المراقب لدى اللجنة (لجنة بنجول) من تقديم عرائض مباشرة أمام المحكمة". وبينت المادة 34(6) شرط قبول هذه العرائض المباشرة. فقبول هذه الأخيرة متوقف على شرط وهو الموافقة القبلية للدولة المشتكى منها على قبول المحكمة هذه العرائض: فمنذ مصادقة الدولة على البروتوكول يمكنها القيام،ومتى أرادت ذلك، بتصريح تعلن بمقتضاه اعترافها باختصاص المحكمة لتلقي مثل هذه العرائض من الأفراد أو من المنظمات غير الحكومية. لكن مع الأسف الشديد لم تقم إلا 7 دول إلى حد الآن بالقيام بهذا التصريح علما وأن الأغلبية المطلقة من الدعاوى التي تلقتها المحكمة إلى حد الآن هي من هذا القبيل.
29. أما بالنسبة للمحكمة العربية، فإن هذا الشرط موجود أيضا لكن مجاله أضيق بكثير من مجال المادة 34(6) من البروتوكول. فقد جاء بالمادة 20(2) من النظام الأساسي "يجوز للدول الأعضاء عند المصادقة أو الانضمام للنظام الأساسي أو في أي وقت لاحق قبول أن تقوم منظمة أو أكثر من المنظمات الوطنية غير الحكومية والعاملة في مجال حقوق الإنسان لدى ذات الدولة التي يدعي أحد رعاياها أنه ضحية انتهاك حق من حقوق الإنسان باللجوء إلى المحكمة"ز ويبدو جليا أن مجال تطبيق هذه المادة مقيد جدا زيادة على انعدام إمكانية إقدام قيام دولة عربية بمثل هذا اللإعلان. على أن المادة 20 من النظام الأساسي فتحت نافذتين فيهما نوع من المرونة، حيث اقتضت الفقرة الأولى منه "يجوز للدول الأعضاء في الجامعة ممن ليسوا أطرافا في النظام الأساسي أن تعلن في أي وقت قبولها اختصاص المحكمة، سواء انصب الإعلان على حالة بعينها أو كان قبولا عاما بالاختصاص". إذا كانت الحالة الأولى من نوع القبول المؤقت بالنظام فإننا لا نرى معنى الحالة الثانية. فالدولة التي تقدم إعلانا عاما بقبول الاختصاص فهي تقبل آليا بالنظام الأساسي. كما أجاز النظام أن"يكون الإعلان مشروطا بالمعاملة بالمثل أو غير مشروط أو لمدة محددة". وعلى كل حال فإن كل هذه الفرضيات هي من باب التخمين وهي نظرية وغير واقعية بتاتا. مع الإشارة أنه من ضمن الدول الأفريقية ال7 التي أصدرت اللإعلان بمقتضى المادة 34(6) من البروتوكول الأفريقي لا توجد أي دولة عربية أفريقية[3].
2) الاختصاص المادي
30 . بموجب المادة 3 من البروتوكول، فإن للمحكمة اختصاص نظر "جميع القضايا والنزاعات التي تقدم إليها بشأن تفسير وتطبيق الميثاق والبروتوكول وأي صك آخر من الصكوك الأخرى ذات الصلة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها الدول المعنية". وتضيف المادة 7 أن المحكمة "تطبق مقتضيات الميثاق وكذلك كل صك آخر متعلق بحقوق الإنسان التي صادقت عليه الدولة المعنية". وعلى هذا الأساس فإن المحكمة غير مجبرة على استنباط حكمها من الميثاق بل يمكنها الاعتماد على كل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، العالمية أو الإقليمية، شرط أن تكون الدولة المعنية طرفا في هذه الصكوك ويمكن أن نذكر من بين هذه الصكوك العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية من جهة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى. :ما يمكن تطبيق الصكوك القطاعية (مناهضة التعذيب، مناهضة التمييز ضد المرأة، ألخ) والصكوك الأفريقية (حقوق الطفل، حقوق المرأة). فالشرط الوحيد هو تحقق المحكمة من أن الدولة المعنية طرف في المعاهدة. وقد أقرت المحكمة هذا التوجه منذ قرارها الأول في الأصل حيث أكدت المحكمة اختصاصها لتأويل الإعلان العالمي والعهد حول الحقوق المدنية والسياسية[4].
31 . أما الاختصاص المادي للمحكمة العربية فهو لا يمتد للصكوك غير العربية وذلك حسب المادة 16 من النظام الأساسي "تختص المحكمة بكافة الدعاوى والنزاعات الناشئة عن تطبيق وتفسير  الميثاق العربي لحقوق الإنسان أو أي اتفاقية عربية أخرى في مجال حقوق الإنسان تكون الدول المتنازعة  طرفا فيه".ي
3) الاختصاص الزمني
32 . يتعلق الاختصاص الزمني بتحديد تاريخ انطلاق ممارسة المحكمة لاختصاصها في قضية ما. فالبروتوكول حول المحكمة الأفريقية لم يتعرض لهذه المسألة على عكس النظام الأساسي للمحكمة العربية. ونظرا لعدم تعرض البروتوكول لمسألة الاختصاص الزمني فقد وجدت المحكمة نفسها مجبرة على وضع قواعد خاصة بها في فقه قضاءها. ففي قرارها في قضية ورثة نوربار زونجو ضد البوركينا فاسو بو بتاريخ 21 يونيو 2013 ردت المحكمة على الدفع بعدم الاختصاص الزمنى الذي رفعته الدولة المدعى عليها باعتبار أن الانتهاكات المزعومة تمت قبل دخول بروتوكول المحكمة حيز النفاذ. لكن المحكمة اعتبرت أن الانتهاكات تواصلت حتى بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ. ولم يلاق هذا الحل موافقة قاضيين اثنين. فقد أعتبر القاضي نيونجيكو[5] أن التاريخ الذي لا بد من أخذه بعين الاعتبار هو تاريخ دخول البروتوكول حيز النفاذ، في حين اعتبر القاضي ورججوز[6] أن تاريخ إصدار إعلان الدولة بقبول ولاية المحكمة هو الأجدر بالتطبيق.
33 . أما الاختصاص الزمني للمحكمة العربية فقد نص عليه النظام الأساسي بالمادة 17 "لا تنظر المحكمة إلا في الوقائع التي ترتكب بعد نفاذ النظام الأساسي بالنسبة للدولة المعنية".
قبول الدعاوى
34 تخضع الدعاوى المرفوعة للمحكمة الأفريقية لشروط شكلية وموضوعية بينها الميثاق والبروتوكول و النظام الداخلي.
35.  تنص المادة 56 من الميثاق على معايير مقبولية العرائض، وهذه المعايير واردة فى المواد 6(2) من البروتوكول و40 من النظام الداخلي، وهى بالنسبة العرائض المقدمة من الأفراد والمنظمات غير الحكومية:
-      يجب أن تكشف عن هوية مقدم العريضة بغض النظر عن طلب الأخير عدم الكشف عن هويته،
-      الامتثال للقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والميثاق،
-      لا يحتوى على أي تحقير أو لغة مهينة،
-      لا تستند حصرا على أخبار تم نشرها من خلال وسائل الإعلام،
-      أن يتم رفعها بعد استنفاد سبل الانتصاف المحلية، إن وجدت، ما لم يكن من الواضح أن الإجراء المتبع لمثل هذه المعالجات قد يستغرق وقتا طويلا لا مبرر له،
-      يتم رفعها في غضون فترة زمنية معقولة من تاريخ استنفاد وسائل الانتصاف المحلية أو من التاريخ الذي حددته المحكمة بأنه بداية المهلة الزمنية التي يجب عليها التعامل مع هذه المسألة،
-      ألا تثير أي مسألة أو قضية قد تمت تسويتها سابقا وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وأحكام الميثاق أو أي صك قانوني آخر للاتحاد الأفريقي.
بالإضافة إلى الشروط المذكورة أعلاه، يجب على جميع الطلبات أن:
-      تحمل أسماء وعناوين الأشخاص المعينين كممثلين لمقدم الدعوى وملخص وقائع القضية والأدلة المزمع الاستشهاد بها،
-      تفاصيل واضحة عن مقدم الطلب أو الطرف أو الأطراف التى يقدم ضدها الدعوى،
-      الانتهاكات المزعومة والدليل على استنفاد سبل التقاضي المحلية أو التأخير المفرط لمثل هذه المعالجات والأوامر أو المسائل التي يسعى مقدم الدعوى للحصول عليها، وعندما يسعى مقدم الدعوى للحصول على تعويض عن أو نيابة عن الضحية، يجب أن يضمن طلب التعويض.
36. وقد وضحت المحكمة في قضائها مختلف هذه الشروط. ففي قضية عيسى كوناتي ضد بوركينا فاسو دفعت الدولة المدعى عليها يعدم قابلية الدعوى بسب الخطأ في ذكر اسم الدولة المدعى عليها، إذ جاء في عريضة الدعوى أنها "الجمهورية الشعبية والديمقراطية  لبوركينا فاسو" في حين أن الصواب هو "دولة بوركينا فاسو". لكن المحكمة رفضت هذا الدفع حين صرحت أن "الخطأ في حد ذاته، والوارد في عنوان العريضة، وإن تعلق بهوية المدعي أو باسم الدولة المدعى عليها لا يشكل سببا جديا يؤدي إلى عدم قبول الدعوى"[7]. وفي قضية أخرى صرحت المحكمة أن لها سلطة تقديرية لتغيير وإصلاح عنوان عريضة الدعوى، وأن لا تأثير لذلك على الحقوق الإجرائية والأصلية للمدعى عليه (قضية كاراتا ارنست لسنة 2013)[8].
37. كما دفعت دولة بوركينا بتضمن العريضة لعبارات غير لائقة تمس من كرامة الدولة. واعتمادا على ما كانت قررته لجنة بانجول حول هذا الشرط، اعتبرت المحكمة أن استعمال عبارة "الجمهورية الشعبية والديمقراطية لبوركينا فاسو" لا يمس من كرامة أو سمعة أو حرمة دولة بوركينا فاسو علاوة أن الدعي لم تستعملها عن سوء نية ولذلك رفضت المحكمة الدفع بعدم قابلية الدعوى.
38. أما الشرط المتعلق بضرورة اشتمال الدعوى على أفعال أو أعمال منافية للميثاق أو لأي صك آخر من صكوك حقوق الإنسان وألا تستند حصرا على أخبار تم نشرها من خلال وسائل الإعلام،  اعتمدت المحكمة مجددا على ما قررته لجنة بانجول حيث سلمت أنه من غير المعقول الاستناد على أخبار تم نشرها من خلال وسائل الإعلام، لكن لا يمكن في الآن نفسه رفض الدعوى لاشتمالها على بعض الأنباء التي نشرت بوسائل الإعلام. و الدليل على ذلك أن الميثاق استعمل كلمة "حصرا". فالعريضة مرفوضة لا محالة إن كانت كلها مستندة على أخبار تم نشرها من خلال وسائل الإعلام، لكن أذا تضمنت بعض الأخبار فقط فلا ضرر في ذلك (اللجنة. داودا جاورا. 2000)[9].
39. أما شرط استنفاذ طرق التقاضي الداخلية فهو الشرط الذي يثير جدلا كثيرا أمام كل المحاكم الدولية واحتاج إلى التأويل المتعدد. وفي هذا الصدد وضعت لجنة بانجول قواعد فيها الكثير من الجرأة. قررت الجنة "في تطبيق هذه القاعدة، يجب أن تؤخذ ثلاثة معايير أساسية في الاعتبار: التوفر والكفاءة والارتياح"[10]. وفي قرارها بتاريخ 14 يونيو 2014، في قضية جمعية تانجانيقا للقانون أقرت المحكمة "أن طرق التقاضي المنصوص عليها بالمواد 6(2) من البروتوكول و56 (5) من النظام الداخلي هي ذات طبيعة قضائية تتوفر فيها مقاييس التوفر والكفاءة والارتياح".
40. وقد اشترط النظام الأساسي للمحكمة العربية استنفاذ طرق التقاضي الداخلية لقبول الدعوى والأمل أن يقع تأويله على منوال اللجنة والمحكمة الأفريقيتان. أما شرط رفع الدعوى في غضون فترة زمنية معقولة فقد أولته أيضا اللجنة ثم المحكمة تأويلا تحرريا حيث اعتبرت أن تقييم الفترة الزمنية المعقولة مرتبط بالظروف الخاصة لكل قضية. وهذا الشرط موجود أيضا بالنسبة للمحكمة العربية وقد ورد بالمادة 28(3) لكن في صيغة أكثر صرامة من صيغة الميثاق والبروتوكول حيث يتم رفع الدعوى "بعد ستة أشهر من إبلاغ المدعي بالحكم البات". ويبدو لنا أن مثل هذه الصياغة تضيق من اجتهاد القضاة.
41. أخيرا وفيما يتعلق بشرط ألا تثير العريضة أي مسألة أو قضية قد تمت تسويتها سابقا وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وأحكام الميثاق أو أي صك قانوني آخر للاتحاد الأفريقي لم تتح الفرصة بعد لا للجنة ولا للمحكمة لبناء فقه قضاء حول هذه المسألة وهو لا تثير إشكالا ذا بال. وقد ورد تقريبا نفس الشرط بالنظام الأساسي للمحكمة العربية حيث لا تقبل الدعوى إذا رفعت "دعوى في ذات الموضوع أمام محكمة إقليمية أخرى".
تنفيذ قرارات المحكمتين
42. بموجب المادة 30 من البروتوكول، تتعهد الدول الأطراف في البروتوكول بالامتثال لحكم المحكمة في الوقت المحدد من قبل المحكمة وضمان تنفيذه.
43. فحكم المحكمة هو قرار نهائي بشأن  المسألة، و مع ذك، فإن المحكمة تطلب من الأطراف التي تقف أمامها، بما فيها الدول الأطراف، أن تمتثل للقرارات و الأوامر و التدابير المؤقتة و طلبات الحصول على المعلومات الأخرى، التي تصدرها المحكمة في أي مسألة معروضة عليها.
44. ويعد الامتثال لقرار المحكمة عنصرا أساسيا في إقامة العدل، وعدم الامتثال يخلق الاحساس بالظلم وعدم كفاءة المحكمة، وفي النهاية يؤدي إلى تآكل مصداقية النظام القضائي القاري الموجود.
45. يكلف البروتوكول المجلس التنفيذي بمراقبة تنفيذ أحكام المحكمة باسم مؤتمر الاتحاد ويطلب من المحكمة الإبلاغ عن أي حالات لعدم الامتثال.
46. فيما يتعلق بالمحكمة العربية، جاء بالمادة 26 "يكون الحكم الذي تصدره المحكمة قوة النفاذ بالنسبة للدول أطراف النزاع، ويجري تنفيذه فيها مباشرة كما كان حكما نهائيا قابلا للنفاذ صادرا عن قضائها الخاص". ومن المؤسف أن غاب على محرري النظام التنصيص على آلية يتم اللجوء إليها في صورة غض نظر الدولة المحكوم ضدها عن الحكم
الوضع الراهن
47. تسلمت المحكمة خمسين (50) دعوى و ثمانية (8) طلبات رأي استشاري منذ تفعيلها في عام 2006. و قد بتت في 19 قضية  و أحالت 4 دعاوى إلي اللجنة الإفريقية.
48. و حتى اليوم، أصدرت المحكمة أربعة (4) أوامر بتدابير مؤقتة و ثلاثة أحكام في الموضوع في العرائض التالية:
a.    كانت الأوامر بشأن:
العريضة رقم 004/2011- اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ضد الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى،
 العريضة رقم 006/2012- اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب ضد كينيا،
العريضة رقم 002/2013- اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ضد ليبيا،
العريضة رقم 004/2013- لوهي عيسى كوناتى ضد بوركينافاسو.
و كانت الأحكام بشأن:
-عرائض بالضم 009/2011 و 011/2011- نقابة محامي تنجانيقا و مركز حقوق الإنسان و القانون و كريستوفر م. إمتيكيلا ضد جمهورية تنزانيا المتحدة.
-العريضة 013/2011 ورثة الراحلين نوربرت زونغو و عبد الله نيكيما و ايرنست زونغو و بليز ايلبودو و الحركة البوركينية لحقوق الإنسان والشعوب ضد بوركينا فاسو.
-العريضة رقم 004/2013 – لوهي عيسى كوناتي ضد بوركينافاسو
49.  و من بين كل الأوامر بالتدابير المؤقتة، كانت هناك حالة واحدة في فقط في عدم الإمتثال الكامل (تلك المتعلقة بالعريضة رقم 002/2013- اللجنة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب ضد ليبيا). و فيما يتعلق بالاحكام، كانت هناك حالة واحدة لإمتثال جزئي، و حالة واحدة لا تزال المهلة الزمنية الممنوحة من المحكمة سارية، و حالة واحدة تعاملت فيها المحكمة مع مسألة جبر ضرر.
50.  خلال الدورة الـ 29 العادية لاجتماع لجنة الممثلين الدائمين، قدمت المحكمة مقترحاً لآلية رصد و رفع التقارير والتي من شأنها تشجيع الامتثال لاحكام المحكمة. وقد صادقت لجنة الممثلين الدائمين على هذا الاقتراح، والذي اعتمد من قبل المجلس التنفيذي في الدورة الـ 26 العادية. وتحدد الآلية أدوار الأجهزة السياسية المختلفة، وهي لجنة الممثلين الدائمين، والمجلس التنفيذي والمؤتمر.
51. أما المحكمة العربية فلم ترى النور بعد والخوف كل الخوف أن يعرف النظام الأساسي للمحكمة نفس مصير ميثاق 1994 إذ مرت قرابة السنة الكاملة عن تاريخ اعتماده ولم تصادق عليه بعد أي دولة عربية.
التحديات التي تواجهها المحكمتان
52. تواجه المحكمة الأفريقية عدة تحديات تؤثر على أداء ولايتها بفعالية، و تود  أن تعمل بتعاون لصيق مع أجهزة الاتحاد لاستكشاف السبل والطرق بشأن كيفية مجابهة تلك التحديات. و لذلك هناك حاجة لتفاعل دائم مع لجنة الممثلين الدائمين لمناقشة وصياغة الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة.
53. بعد ما يقرب من عشر سنوات من وجودها، ازداد عدد القضايا التي وردت إلى المحكمة. وقد تلقت المحكمة 50 عريضة و8 طلبات آراء استشارية. وهذا العام وحده، تلقت المحكمة بالفعل 17 عريضة. وبالتالي، فان هناك سبب للاعتقاد بأن عدد القضايا المرفوعة أمام المحكمة سوف يستمر في الزيادة.
54. هذه الزيادة، للأسف لا تتطابق مع الموارد اللازمة لضمان التصريف الفعال لولاية المحكمة. ففي المقام الأول، رئيس المحكمة هو الوحيد الذي يعمل على أساس التفرغ الكامل، بينما القضاة الآخرون يعملون بدوام جزئي، ويلتقون فقط خلال الدورات الفصلية للمحكمة. وهذا يعني أن القضايا لا يمكن البت فيها كما تود المحكمة.
55. وتواجه المحكمة كذلك مشكلة تتمثل في ان عدد الأفراد غير كاف للقيام بالعمل المطلوب من المحكمة، ويرجع هذا جزئياً إلى عدم توافر الأموال اللازمة لتوظيف المزيد من الموظفين. فعدد الموظفين القانونيين والمترجمين التحريريين والمترجمين الفوريين منخفض جداً مقارنة مع حجم العمل المتزايد.
56. وتشمل التحديات الأخرى عدم كفاية التمويل، وقلة عدد المصادقات والإعلانات المودعة، وقلة الوعي بالمحكمة في الدول الأعضاء.
57. أما التحدي الأعظم المطروح أمام المحكمة العربية فهو مصادقة 7 على الأقل من الدول العربية على النظام الأساسي والانتظار عام كامل بعد إيداع سابع وثيقة تصديق ليتمكن النظام من الدخول حيز النفاذ، وكما يقول المثل العربي "إن غدا لبناظره قريب".




[1] Socio-Economic Right Accountability Project 


[2] Rencontre Africaine pour la Défense des Droits de l’Homme
الدول السبعة التي أصدرت الإعلان هي : بوركينا فسو (14 يوليو 1998) ، مالاوي (9 سبتمبر 2008) ، تنزانيا (9 آذار 2010) ، مالي (2010) ، غانا (9 فبراير 2011) ، رواندا (23 جانفي 2013) و الكوت ديفوار  [3]
[4] Tanganyika Law Society & The Legal and Human Rights center /& Révérend  Christopher Mitikila C/ République Unie de Tanzanie, 14 juin 2013
[5] Gérard Nyiungeko
[6] Fatsah Ourguegouz
[7] Lohé Issa Konaté C/ Burkina Faso, 5 décembre, 2014, § 45.
[8] Karata Ernest et autres C/ République Unie de Tanzanie, 23 septembre 2013/
[9] ComADHP, Sir dawda K. Jawara C/ Gambie, 11mai 2000, 147/95 et 149/96, http://www.achpr.org/files/sessions/27th/comunications/147.95-149.96/achpr27_147.95_149.96_fra.pdf

[10] 30. Cette règle est l’une des conditions les plus importantes de la recevabilité des communications et c’est pour cela que dans presque tous les cas, la première question que se pose aussi bien l’Etat visé que la Commission est relative à l’épuisement des recours internes.
31. La justification de la règle de l’épuisement des recours internes tant dans la Charte que dans les autres instruments internationaux des droits de l’homme est de s’assurer qu’avant que le cas ne soit examiné par un organe international, l’Etat visé a eu l’opportunité de remédier à la situation par son propre système national. Cela évite à la Commission de jouer le rôle d’un tribunal de première instance, mais plutôt celui d’un organe de dernier recours . Dans l’application de cette règle, les trois critères fondamentaux suivants doivent être pris en compte : la disponibilité, l’efficacité et la satisfaction.
32. Une voie de recours est considérée comme existante lorsqu’elle peut être utilisée sans obstacle par le requérant, elle est efficace si elle offre des perspectives de réussite et elle est satisfaisante lorsqu’elle est à même de donner satisfaction au plaignant
34. La Commission a souligné que des voies de recours dont l’existence n’est pas évidente ne peuvent pas être invoquées par l’Etat à l’encontre du plaignant. En conséquence, dans cette situation où la compétence des juridictions nationales a été révoquée par des décrets dont la validité ne peut pas être mise en cause par aucun tribunal, l’on considère que les voies de recours internes n’existent pas et toute tentative d’y recourir serait une perte de temps.

Aucun commentaire: